رسلُنا إلى بلدان العالم - 10 أبريل 2015

صحيفة عكاظ

رسلُنا إلى بلدان العالم - 10 أبريل 2015

2021-11-10    632

منذ أسابيعٍ شرفني معالي وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا بزيارة رسمية، وكان مما قاله: «إنني سعيد جدا بزيارةِ هذه الجامعة التي تخرج منها عدد كبير من علماء إندونيسيا وقادتها». أخبرني أن سلفه في الوزارةِ من خريجيها، وأن من خريجيها أيضا رئيس جمعيةِ نهضةِ العلماء الإندونيسية التي ينتمي إليها أربعون مليون مسلم!
وقال: «نحن حريصون أن يتلقى أبناؤنا علوم الشريعةِ من منبعِها الأصلي».

هذه الكلمات هي واحد من مصاديقِ دعاءِ إبراهيم عليه السلام: «فاجعل أفئدة من الناسِ تهوِي إليهِم».
وهي أيضا نتيجة لطبيعةِ هذه البلادِ التي تضم الحرمين الشريفينِ، حيث تنزل الوحي، وبلغ المصطفى صلى الله عليه وسلم رسالة ربه، وتحرك أطهـر جيلٍ عرفته الأرض جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
وهي كذلك ثمرة منطقية لما تبذله المملكة العربية السعودية بحكم مكانتها من جهودٍ رياديةٍ في خدمة الإسلام والمسلمين، سواء من جاءها متعبدا أو متعلما أو عاملا، أم من جاء خيرها إليه دعوة أو إغاثة أو نصرة.
ولعل من أبرزِ هذه الجهودِ السعودية احتضان المملكة للآلافِ من طلابِ المنح، بعضهم يدرس دراسة أكاديمية تامة، وبعضهم يجيء في دورات تدريبية لغوية أو شرعية، تطول أو تقصر. وهؤلاء الآلاف جميعا يمكن أن يكونوا رسلا لهذا الدينِ العظيم، ورسلا أيضا للمملكة، يوضحون حقيقتها وينفون عنها شائعات الحاقدين والكائدين.
لقد استمعت يوما إلى أحد هؤلاء وهو يقول: «لا أدري أي عمل صالح عملت فجعل الله من جزائي أن أتعلم في مكة!».
هذا هو شعورهم الذي يجيئون به، الحب، والولاء، والفرح، بهذه البلاد المباركة وأهلها، وخصوصا مكة والمدينة، فما أجدرنا أن نستغل هذه الفرصة، وأن نستنبت في هذه القلوبِ الغضة المحبة المعتقد الصحيح، والعلم المحرر، والولاء لقبلةِ المسلمين: المملكة العربية السعودية.
ولكي يكون هؤلاء سفراءنا حقا في بلدانهم، ورسلنا في أوطانهم فلابد من أمرين مهمين:
أولهما: حسن رعايتهم، والقيام بشؤونهم، وتيسير معاملاتهم، فهم غرباء عن أوطانهم، قد جاؤوا إلى بلدٍ يعتبرونه قبلة المسلمين، جاؤوا محبين للمملكة، راغبين في اقتباس العلم من علمائها ومؤسساتها. فحري بكل من قام على شأن من شؤونهم أن يرعاهم ويذلل لهم كل صعب، وأن يحذر من النظر إليهم وكأنهم «وافدون مسترزقون!».
وثانيهما: إجادة تعليمهم وتوجيههم، وتكثيف البرامج الأكاديمية واللاصفية التي تضمن سلامة توجههم، وتأهيلهم للقيام بالمأمول منهم في بلدانهم.
إننا أولى من غيرنا باحتضان طلبة العلم من أبناء المسلمين في كل أرضٍ، وهو واجب المؤسساتِ المختصةِ في ظل الدعم الكامل الذي تلقاه من خادم الحرمين الشريفين أيده الله، الذي يعد قراره الحكيم بإطلاق عاصفة الحزم نموذجا آخر من نماذج قيامه بشؤون المسلمـين ورعايته لمصالحهـم.


مشاركة :